تتعدد الممارسات التربوية التي يتبعها الأهل في تربية أطفالهم، فمنها ما يثبت نجاحه في تنشئة جيل يتمتع بقوة الشخصية والحكمة وبعد النظر، ومنها ما يعطي نتائج عكسية ولا يؤدي الغرض المنشود. وقد يظن بعضنا مخطئاً أن منح قدر كبير من الحب والمعرفة للطفل كفيل بتجنيبه المعيقات، التي تحول دون تقدمه واكتسابه للاستقلالية، وتمتعه بالسمات القيادية التي سيطمح إليها لاحقاً.
وإليكم فيما يلي، آراء خبراء التدريب القيادي، حول طبيعة الأسباب المؤدية بالأهل إلى حرمان أبنائهم من صفات القيادة. وتتلخص في 7 سلوكيات مدمرة، تتم ممارستها أثناء تنشئتهم، وتحرمهم من أن يكونوا قادة في المستقبل:
1. الحيلولة دون خوض المجازفات: نعيش في عالم يحذرنا من مجابهة المخاطر طوال الوقت، ويسيطر علينا شعار "السلامة أولاً" مخافة أن يلحق الأذى بأبنائنا. لذلك نبذل أقصى طاقاتنا في سبيل حمايتهم. بيد أن لإبعاد الطفل عن المجازفة عواقب وخيمة، منها: الرهاب من خوض تجارب جديدة. وإذا منع الأهل أبناءهم عن معايشة الأخطار، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى خلق جيل من القادة يتسم بالغرور وضعف الشخصية في المستقبل.
2. التدخل السريع: إن جيل اليوم من اليافعين، محروم من اكتساب بعض المهارات الضرورية في الحياة؛ لأن الكبار يتدخلون سريعاً لحل مشكلاتهم بدلاً عنهم. فنحن نهرع إلى مد يد العون إلى أطفالنا، ولا نتيح لهم فرصة التعامل مع الصعاب بمفردهم. وهذا يتنافى كلياً مع تعزيز روح القيادة فيهم، وتجهيزهم بما يلزم من مهارات تكفل لهم الاعتماد على ذواتهم، وشق طريق الحياة عاجلاً أو آجلاً. والأبناء سيميلون حينئذ إلى الاتكال على ذويهم، اعتقاداً منهم بأنهم هم المسؤولون عن إزالة العقبات التي تعترض سبيلهم. غير أن هذا الاعتقاد يتناقض بالمطلق مع ما يحدث على أرض الواقع، مما يسفر عن ضعف الكفاءة وقلة الحيلة.
3. المسارعة الى الإطراء: تؤدي سياسة "إبداء الإعجاب بمنجزات الطفل" الى شعور الطفل بالتميز. لكن البحوث تشير إلى أن هذا الأسلوب قد يفضي إلى نتائج لا تحمد عقباها. ففي نهاية المطاف، لابد أن يلحظ الابن أن أباه وأمه وحدهما يريان فيه طفلاً رائعاً، لكنه بعد ذلك يبدأ بالشك في حياد أبويه وموضوعتيهما. كما أننا نسارع إلى كيل المديح وتجاهل التصرفات السيئة، فيتعلم الأبناء الغش والكذب، وتحاشي الواقع المؤلم لأنهم لم يعتادوا على مواجهته.
4. تفادي الشعور بالذنب على حساب التنشئة القويمة: ليس لزاماً أن يحبك طفلك في كل دقيقة. وهو سيتجاوز مرحلة خيبة الأمل إذا منعته عما يرغب، لكنه لن يتعافى من عواقب الدلال المفرط. لذلك لا تخشَ قول "لا" أو الامتناع عن تلبية طلباته فوراً، وعلّمه أن يكافح من أجل الحصول على ما يحتاجه. وحين نرزق بأكثر من ابن واحد، غالباً ما نشعر بأن مدح واحد دون الآخر عمل جائر. وهذا غير منطقي، ويفوت الفرصة علينا لنبين لأطفالنا أن النجاح والتميز، يعتمدان على أفعال المرء الحسنة. ولا تكافئ طفلك دائماً بأخذه الى المركز التجاري إذا أحرز علامة جيدة في المدرسة، فعلاقتك معه إذا كانت مرتكزة على المكافآت المالية، لن تنمي لديه الحافز الداخلي، أو الحب غير المشروط.
5. عدم إطلاع الطفل على الأخطاء السابقة: ينبغي علينا كبالغين أن نفسح المجال أمام المراهقين كي ينطلقوا ويجربوا أشياء جديدة بمفردهم، وهذا لا يعني أننا لا نستطيع مساعدتهم في ذلك. لذلك، أطلع طفلك على الأخطاء التي ارتكبتها حين كنت في مثل عمره، كي يتمكن من انتقاء الخيارات الصحيحة. كما ينبغي للأطفال أن يستعدوا نفسياً لاحتمال حدوث الأخطاء، ويتهيؤوا لتحمل تبعات القرارات التي يتخذونها.
6. الخلط بين الذكاء والموهبة وبين النضج: يستخدم الذكاء غالباً كمقياس لنضج الطفل، وبالتالي يفترض الأهل أن الطفل الذكي مستعد لمواجهة العالم، وهذا غير صحيح. فالكثير من المحترفين الرياضيين يتمتعون بمواهب خارقة لكنهم يقعون في أخطاء كارثية. وإذا كان الطفل يحظى بالموهبة في جانب معين، فإن ذلك لا ينسحب على الجوانب الأخرى كافة. إذ ليس من عمر محدد يصبح فيه الطفل "مسؤولاً" عن نفسه، أو أن هناك دليلاً مُجرباً يرشدك إلى ذلك. إلا أن خير ما تفعله أن تراقب مستوى الأطفال الآخرين في عمر طفلك، فاذا لاحظت أن اعتمادهم على أنفسهم أكبر، فاعلم أنك تعيقه عن نيل استقلاليته.
7. التركيز على الوعظ بدلا من التطبيق: تقتضي مسؤولية الأهل أن يكونوا قدوة لابنائهم في اسلوب العيش الذي يرتضونه لهم، بان يعينونهم على اختيار نمط حياة يمتاز بالاستقلالية وقوة الشخصية وحسن التدبير. وبما أن الوالدين قادة المنزل، يجب ألا يقولوا سوى الصدق- فالكذب الابيض يتسبب تدريجيا في تشويه السمعة الحسنة. وينبغي الانتباه ايضا للسلوكيات الأخلاقية لأن الطفل يلاحظها. تطوع في مشروع خدمي أو مبادرة اجتماعية لتعلم طفلك معنى العطاء والايثار، وغادر الاماكن التي تمكث فيها وقد اصبحت على نحو افضل من ذي قبل ولابد من ان اطفالك سيقلدونك.
موقع اخبار فوربس