يتفق المهتمون بدراسات الطفولة وأدبياتها على أن رياض الأطفال مرحلة تعليمية تسبق المرحلة الابتدائية، ولكنهم يختلفون في مسمياتها على أنها «روضة أطفال(Kindergarten)، أو «دار حضانة Nursery» أو طفولة مبكرة «Early Childhood Education»، أو «تعليم ما قبل المدرسة «Pre-School Education»، ويشير تقرير لمنظمة اليونيسكو إلى أن رياض الأطفال تسعى إلى تحقيق تكامل نمو شخصية الطفل ورعايته وإشباع حاجته للمعرفة والإبداع والاستقلال ونموه في المجالات العاطفية والأخلاقية والدينية واللغوية والحسية، إضافة إلى تهيئته للمرحلة الابتدائية.
رياض الأطفال والحرب الأهلية
انتشرت رياض الأطفال في الولايات المتحدة الأمريكية بعد الحرب العالمية الأهلية وفي كثير من البلدان الأوروبية، وكانت مدة الدراسة فيها تتراوح بين سنتين وثلاث سنوات، قبل بلوغ سن السابعة.
ورياض الأطفال هذه، غالبًا ما تكون جزءًا من نظام التعليم العام، وهي سنة دراسية واحدة.. الأطفال في العادة يذهبون إلى رياض الأطفال في عمر 5 إلى 6 سنوات.. رياض الأطفال تعتبر السنة الأولى من التعليم الرسمي.
التعليم «ما قبل المدرسة» في إيطاليا يرجع إلى نوعين مختلفين:
- دور الحضانة: وهي مخصصة للأطفال حتى سن الثالثة.
- مدارس الأمومة: من سن ثلاث سنوات إلى خمس سنوات.
في فرنسا تعتبر دور الحضانة غير إلزامية لكن 100% تقريبًا من الأطفال يرتادونها بين سن الثالثة وحتى الخامسة، وتشرف عليها البلديات حالها حال المدارس الابتدائية.
يرتاد رياض الأطفال في ألمانيا أطفال ما بين سن الثالثة إلى السادسة من العمر، ولا يعد التعليم فيها ضمن نظام التعليم المدرسي.. وتديرها بلديات المدن، أو الكنائس أو الجمعيات المسجلة، إذ يتبع كل منها نهجًا تعليميًا معينًا، فهي ليست إجبارية، كما أنها ليست مجانية، ولكن قد تتكفل الجهات المسؤولة بدفع جزء أو كل المبلغ لتعليم الطفل على حسب مستوى دخل والدي الطفل.
الولادة المحلية
في عام 1406هـ (1986م) انبثقت فكرة مشروع تطوير رياض الأطفال بالمملكة العربية السعودية في ضوء نتائج دورة تدريبية عقدت لثلاثين دراسة غطت عددًا من رياض الأطفال الخاصة والعامة بمدينة الرياض، حيث أنشئت أول روضة حكومية في المملكة عام 1395 هـ في مكة المكرمة، وبعد نجاح التجربة بدأت رئاسة تعليم البنات بافتتاح رياض الأطفال عامًا بعد عام.
وفي 1408هـ صدر الأمر السامي بإبرام اتفاقية تعاون بين الرئاسة العامة لتعليم البنات (سابقًا) وبرنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية ومنظمة اليونيسكو بهدف تضافر الجهود للنهوض بمرحلة الطفولة عن طريق إعداد منهج لرياض الأطفال وما يتطلبه من تجهيزات ووسائل تعليمية، وإنشاء مراكز لتدريب قيادات وطنية تدرب فيما بعد أكبر عدد ممكن من الكوادر الوطنية العاملة في هذا المجال.
لقد اهتمت حكومة المملكة العربية السعودية بدعم مرحلة ما قبل المدرسة؛ وذلك من أجل رعاية الطفولة والارتقاء بالمستوى التربوي في البلاد، وكان لهذا الدعم أسبابه العامة والخاصة ومنها:
• تطور نظريات التربية التي تشير إلى أهمية تعليم الطفل في مرحلة مبكرة من حياته وأنها أصبحت في بعض البلدان المتقدمة جزءًا لا يتجزأ من السلم التعليمي.
• متطلبات التنمية دعت إلى خروج المرأة السعودية للمشاركة في البناء والتنمية، وبالتالي ظهور الحاجة إلى دور لرعاية الصغار فترة غيابها.
• تغير الظروف الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
•انتشار الشقق الصغيرة للسكن حرم الطفل من ممارسة حقه الطبيعي في الحركة واللعب، وهو ما يجد بديلاته في دور الحضانة والرياض.
• صعوبة الاعتماد على الأهل والأقارب في رعاية الطفل نظرًا لتباعد المسافات بين الأسرة والأقارب.
• ارتفاع المستوى الثقافي وزيادة الوعي التربوي جعل الأهل يدركون أهمية رياض الأطفال وفوائدها الإيجابية في نمو أطفالهم من مختلف الجوانب.
• إدراك الأهل أن الرياض مرحلة مهيئة لدخول المدرسة، لأن الطفل من خلالها يبدأ بالاستقلال عن الأسرة، فلا يشعر بالخوف عند الذهاب للمدرسة.
أهداف مرحلة الروضة
تجزئة الأهداف إلى نواحي النمو المختلفة هو تدبير منهجي وليس تطبيقًا، إذ إنها في الإجراء العملي متداخلة مترابطة، ولكل من هذه النواحي هدف عام تليه أهداف خاصة.
المجال المعرفي
وتشمل بوجه عام الأهداف التي ترمي إلى تطوير ذكاء الطفل الذي يتطلب تنمية حواسه وانتباهه، ومن أبرز الأهداف المرتبطة بالمجالين المعرفي واللغوي:
• تنمية قدرات الطفل العقلية من حيث التذكر، والفهم، والإدراك، والتخيل.
• تنمية قدرة الطفل على التصنيف والعد والتسلسل وإدراك العلاقة بين السبب والنتيجة.
• تنمية جوانب الملاحظة والاستكشاف والتعرف على خواص الأشياء وإيجاد العلاقة بينهما.
• تنمية قدرة الطفل على المحادثة والتعبير عن أفكاره ومشاعره.
المجال الوجداني
هي الأهداف التي تعنى بالأحاسيس والمشاعر والانفعالات، وتركز على ما يراد تنميته في الطفل من أحاسيس وميول واتجاهات نحو نفسه ومن حوله.
ومن أبرز الأهداف المرتبطة بالمجال الوجداني:
• تنمية الشعور بالثقة بالنفس والقدرة على التعبير عن المشاعر والأحاسيس.
• تكوين اتجاهات سلبية نحو الأنانية، وحب الذات، والعدوان، والسيطرة.
• تنمية قدرة الطفل على الضبط الذاتي لسلوكه والسيطرة على انفعالاته.
• تنمية السلوكيات السليمة نحو النظافة والتغذية والمحافظة على الصحة.
• تنمية الشعور بالجمال، وملء نفوس الأطفال بكل ما هو جميل.
الأهداف الجسدية :
تنمية قدرات الطفل الحسية - الحركية ومساعدته في السيطرة على أعضاء جسمه المختلفة:
• يمارس نشاطات حركية - حسية متنوعة تتطلب استخدام عضلات الجسم.
• يستخدم ما لديه من قدرات جسدية وخصائص مميزة.
• يقوم بنفسه بقضاء حاجاته اليومية المختلفة.
مناهج رياض الأطفال في المملكة
مما لاشك فيه أن العملية التربوية في رياض الأطفال تهدف إلى تربية وتطوير الطفل وإشباع حاجاته الجسمية والنفسية والاجتماعية والعقلية، ويمثل المنهج المقدم للطفل أهمية بالغة حيث يعتبر همزة الوصل بين المعلمة والطفل لاحتوائه على مجموعة من الخبرات والأنشطة المعرفية (الجانب المعلوماتي للمحتوى)، والمهارية (الجانب النفسي حركي للمحتوى)، والانفعالية (الجانب الوجداني للمنهج) ولقد مرت مناهج الطفولة المبكرة في المملكة العربية السعودية بثلاث مراحل وهي:
المرحلة الأولى:
كان المنهج المتبع في بداية رياض الأطفال عام 1371هـ -1952م هو (المنهج التقليدي) الذي يعتمد في محتواه على مجموعة من الكتب والمقررات الدراسية مثل القراءة والكتابة والرياضيات والعلوم ويعتمد هذا المنهج على مبدأ التلقين والترديد وعدم التفاعل بين المعلمة والأطفال.
المرحلة الثانية:
أما المنهج المتبع في هذه المرحلة التي بدأت منذ عام 1975-1395م فهو (منهج المشروع) الذي لم يختلف كثيرًا عن المنهج التقليدي، خصوصًا في التركيز على تعليم الطفل مبادئ القراءة والكتابة، علمًا بأنه قد ظهر جانب الاهتمام بالمهارات الأخرى التي تمثل مجالات المهارات العلمية والرياضية والاجتماعية. لكن الاختلاف ظهر في طريقة إيصال هذه المهارات للطفل وذلك من خلال مرور الطفل على أكثر من غرفة نشاط وفقًا لهذه المهارات وذلك خلال فترات البرنامج اليومي، وقد كان الطفل يحظى ببعض اللعب والمرح خلال مروره بتلك الغرف، أما المعلمة فكانت هي المحور الأساس في تحريك العملية التعليمية.
المرحلة الثالثة:
كانت البداية لهذه المرحلة في عام 1401هـ - 1981م عندما بدأ تنفيذ المنهج المطور (منهج التعلّم الذاتي) الذي يعتبر مشروعًا تربويًا رائدًا ومميزًا على أكثر من صعيد حيث تكاثفت فيه جهود رسمية وهي الرئاسة العامة لتعليم البنات، وجهود منظمة إقليمية (برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأمم المتحدة الإنمائية)، ومنظمة دولية (منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم - اليونسكو). وقد بني هذا المنهج على أسس علمية روعي فيه محيط الطفل العربي المسلم ومر بمراحل متعددة معتمدًا على التجارب الميدانية في ثلاث مناطق بالمملكة وعلى القياس العلمي المقنن، إضافة إلى استطلاع آراء نخبة من التربويين والتربويات داخل المملكة وخارجها. فهو بذلك يعتبر مصدرًا متكاملاً وشاملاً لمعلمات رياض الأطفال في المملكة وللمتدربات في هذا الحقل العلمي لاحتوائه على معلومات فنية متعددة روعي فيها خصائص نمو هذه المرحلة واحتياجاتها.
منهج رياض الأطفال المطور
يقوم منهج رياض الأطفال المطور على التعلم الذاتي الذي يحمل الملامح الفنية التالية:
- منهج نشاط ذاتي تبنى خبراته وتصمم على الحركة واللعب والانطلاق والحرية والاستقلالية والبحث والاكتشاف، لتحقيق مبدأ التعلم من أجل التعلم.
- منهج نشاط ذاتي محوره الطفل حيث تتجه عملية التعلم من داخل الطفل إلى الخارج، ليتحقق التفاعل بين عناصر أربعة، هي (الطفل، الخبرة المباشرة وغير المباشرة، البيئة).
- منهج منوع ومنظم حيث يعتمد على التعلم المنظم والموجه جنبًا إلى جنب مع التعلم الحر، ليكتسب الطفل مبادئ المهارات الأساسية التي تهيئه للمراحل التعليمية اللاحقة بخطى ثابتة.
- منهج متدرج تبنى خبراته في صورة محققة للاستمرار والتتابع وتطبق من واقع المستوى العمري والعقلي، وتتدرج من السهل إلى الصعب، ومن البسيط إلى المركب، ومن القريب إلى البعيد، ومن المحسوس إلى المجرد.
- منهج شامل ومتوازن يقدم أنشطة تلبي حاجات الطفل الجسمية والعقلية والحركية والاجتماعية في إطار من التكامل والترابط لتحقيق وحدة المعرفة وتوازن الأداء.
- منهج يؤكد مبدأ التعلم بالممارسة وربط التعلم بالعمل.
- منهج تعلم يؤكد مبدأ الحرية والاختيار حيث يوفر بدائل وخيارات في البرنامج اليومي ليختار الطفل ما يحب القيام به، وما يميل إليه، وما يثير اهتمامه في ظل بيئة مادية غنية تتيح له «النمو الحر» الذي يتمشى مع دوافعه وحاجاته الخاصة.
- منهج تعلم يراعي مبدأ الفروق الفردية بين الأطفال من خلال المحتوى المفتوح الذي يناسب التنوع في قدرات الأطفال واستعداداتهم المختلفة.
- منهج تعلم يعتمد على مبدأ التعلم من خلال اللعب باعتباره أداة الفهم والإدراك، ووسيلة نمو الطفل.
- منهج تعلم يؤكد إيجابية الطفل وفعاليته مع عناصر البيئة التعليمية التي تستثير حواسه وتدفعه إلى الاكتشاف والبحث والتجريب، ويتمثل دور المعلمة في توفير البيئة الغنية بالوسائل، وتوفير الفرص المناسبة لتعلم الطفل وتنظيمها.
يهدف المنهج المطور إلى تطوير قدرات سعودية لرفع مستوى كفاءتها وأدائها الوظيفي، وإيجاد مرجع موحد ومصدر ثابت للمعلومات بحيث تكون الرؤية موحدة لجميع العاملات في مجال الطفولة، إضافة إلى الاهتمام بتطوير متكامل وشامل لجميع فئات العاملين في مجال الأطفال في جميع مناطق المملكة بحيث تعم الفائدة مجمل أطفال الروضات.
يتضمن المنهج كتابًا نظريًا أساسيًا يضع الأطر الفكرية والتربوية ومتطلبات المهنة ويربطها بسياسة التعلم في المملكة، ويعتبر هذا الجزء أساسيًا لمعلمة الروضة فهو مرجعها ودليلها ومصدر معلوماتها وتستطيع بواسطته الارتقاء في الأداء الوظيفي.
رياض الأطفال في الدول العربية
مرحلة رياض الأطفال في العالم العربي بصورة عامة والمملكة العربية السعودية خاصة ما زالت في دور التطور، لذا فمن الضروري تكثيف الجهود وإعادة النظر بهذا الركن الأساسي من أركان التربية والتعليم، الذي يعد الحجر الأساس في إعداد المواطن الصالح، وصقل جوانب شخصيته وتأهيله لإتمام مراحل الدراسة التي تلي مرحلة رياض الأطفال، تلك النواة الأولى والمهمة التي تستحق الدعم المستمر، والمتابعة الدائمة، وتحتاج إلى إدارة واعية، وعلى قدر عالٍ من الخبرة والتدريب، والحرص الشديد على إعداد الطفل إعدادًا جيدًا.
الوسائل التعليمية .. ضرورية
معلمة الروضة مطالبة في عصر التكنولوجيا بانتقاء أكبر عدد ممكن من الوسائل التعليمية بمختلف أنواعها ومن أهم هذه الوسائل: الوسائل الإدراكية وهي وسيلة توضع في الركن الإدراكي تنمي مهارة عقلية لدى الطفل يستخدمها الطفل وحده، فهي معتمدة على مبدأ التعلم الذاتي.
لمحة تاريخية عن رياض الأطفال
أكد أفلاطون منذ ألفي عام على فوائد تربية الأطفال، ومنذ ذلك الحين اتخذ توجيه الصغار وتربيتهم خارج البيت أشكالاً عدة، وفي أوائل القرن 18 أقيمت مراكز تقوم على توفير تربية دينية وحماية صحية للصغار في بريطانيا، وأنشئت ـ في أوائل القرن 19 ـ دور للحضانة في كلٍّ من بريطانيا وألمانيا وإيطاليا.
في النصف الثاني من القرن التاسع عشر أنشأ فريدريك فروبل أول روضة للأطفال في ألمانيا عام 1838م، واختار لها هذا الاسم KINDERGARTEN، فروبل كان يرى أن اللعب أهم ما يشتغل به الأطفال، كما اهتم بالرسم والتلوين وقص الورق وعمل النماذج من الصلصال كوسائل يعبر بها الأطفال عن نشاطهم وذلك إلى جانب اهتمامهم بالغناء والمرح.
مشاعل العمر - مجلة المعرفة